Thursday, August 1, 2013

في فضائل عصر الليمون



لم أكن ضمن هذه الفرقة، وإن أعجبني التعبير وقتها، لكن -أعتقد- أن هذا التوجه هو ما منع مصر من الانزلاق إلى ما يعرف بسيناريو الجزائر.
لم يعترف النظام الحاكم في الجزائر بنتائج الانتخابات التي فاز فيها الإسلاميون، واستخدم الجيش والشرطة لقمع المحتجين على إلغاء نتائج الانتخابات. وقد منح ذلك شرعية كبرى وقتها ليس فقط للعنف، وإنما لتعاطف كل شخص غير راض عن أداء الحكومة والنظام السياسي مع خصومهم، وقد احتاج الأمر إلى دورة طويلة من العنف والدم لنزع هذا التعاطف والوصول إلى نقطة توازن اجتماعي.


من المعروف أن الإسلاميين كانوا سيفوزون في أي انتخابات في العالم العربي نتيجة عدم الرضا عن الأنظمة الوريثة لحقبة ما بعد الاستعمار. مستويات الثقة كانت شبه معدومة في هذه الأنظمة بمختلف أشكالها ومسمياتها في المنطقة.

 وقد سجل تيار الإسلام السياسي في مصر نتائج كبيرة في الاقتراعات التي تمت بعد ثورة 25 يناير كما هو متوقع، وارتكب المجلس العسكري بقيادة طنطاوي جريمة بتسهيله الذهاب إلى صناديق الاقتراع ليجيب الناخبون عن أسئلة أراد الإخوان المسلمين أن تكون موضوع الاقتراع، وهو ما كان يعرف بتوجه "الانتخابات البرلمانية أولا"؛ تم ذلك في ظل عدم وجود خبرة حزبية للقوى السياسية التي صنعت الثورة وقدمت التضحيات من أجلها، وغيرت الواقع السياسي برمته، وبدون وجود وثيقة حقوقية تمثل ضمانات لمبادئ ومعايير لا يمكن المساس بها.
وصول تيار الإسلام السياسي للسلطة كان حتمياً في الدول الرئيسية في المنطقة، خاصة مع النجاح الاقتصادي لتجربة أردوغان في تركيا وتردي أوضاع التنمية في هذه الدول. المشكلة كانت في كيفية وصوله إلى السلطة بطريقة لا تغلق باب التجربة الديموقراطية، ولا تسمح بتغول هذا التيار وتمكين أطماعه، ولا تفتح باب الاحتجاج على وصوله بشكل يدخل البلد في دوامة من العنف على الطريقة الجزائرية.
لم يكن هناك ضمانات، ولم يستطع مجلس طنطاوي أن يكون أهلا للثقة التي وضعها فيه غالبية المجتمع للإشراف على العملية الانتقالية، وكان أردأ ما فعله هو استحواذه على السلطة التشريعية بعد سقوط البرلمان بدلا من ترحيلها للمحكمة الدستورية، ومفاوضته على تسليم هذه السلطة لمحمد مرسي مقابل خروج آمن لطنطاوي وزمرته الذين كانوا موضع استياء جماهيري كبير
 

عصر الليمون كتوجه لدى قطاع من الناس، ومعه صيغة مشابهه تعرف باسم "حزب التيار المحتار" أتاحا إجهاض فكرة المظلومية التي يبني عليها تيار الإسلام السياسي أسطورته منذ صدامه مع دولة الاستقلال في الخمسينات والستينات. لقد منح التأييد على مضض ثم العودة لسحب هذا التأييد والتمرد على احتكار الإسلاميين للسلطة مساحة أمان اجتماعي تعزل خطاب المظلومية عن أي جمهور خارج دائرة المنتمين أيديولوجيا لتيار الإسلام السياسي.

 لا أقول ذلك دفاعاً أو هجوماً؛ وإنما كمحاولة استيعاب تجربة تاريخية بمعنى الكلمة. أعتقد أن فهم رحلة تحولات عاصري الليمون والتيار المحتار بوابة هامة لمعرفة الكثير عن الشخصية المصرية الآن.
 

No comments:

Post a Comment