Monday, July 22, 2013

أصحاب الأخدود في رابعة العدوية: السلطة أو لا أحد!

سيد قطب
 
مع وضوح رد فعل الإخوان على 30 يونيو اتردد سؤال هم الإخوان حيكسبوا ايه من معاداة الشعب؟ وهم كده يعني ممكن يحققوا ايه بعد ما كرّهوا الناس فيهم؟
وتم استخدام وصف "طايفة" للإشارة للعقلية بتاعة التنظيم اللي بيعتبر أفراده طايفة ناجية والباقي غير كده. مع تمادي مواجهاتهم مع الأهالي بتتضح تفاصيل العقلية اللي اتربت على مفاهيم كتاب "معالم في الطريق"، تقريبا هو الروح اللي ورا كل تصرفاتهم حاليا، وهو الرابط الل
ي خلا الإخوان والجماعة الإسلامية يتماسك تحالفهم لآخر لحظة من وجودهم في الحكم وانفضاض بعض السلفيين عنهم. الحقيقة ان الكتاب نفسه رغم انه مش مقرر ضمن الإعداد الثقافي للإخوة إلا في مراحل متقدمة من الترقي إلا إن أفكاره تم تشربها من قبل جيل القيادات الحالي، القيادات العليا أو الوسيطة متشرباه جدا خاصة إنه كان جزء من دراستهم في السبعينات والتمانينات ويمكن لأول التسعينات، بعد كده مع انتشار التنظيم عدديا تم قصره على "النخبة" اللي قامت بنقل محتواه بوسائل مختلفة ومبسطة، نظرا لانخفاض القدرات اللغوية عند الشباب.
فكرة كتاب "معالم في الطريق" قايمة على ان بعث الماضي المجيد يحتاج لمجموعة مؤمنة على نفس الطريقة بتاعة الصحابة، الطريقة اللي بيتصورها الكاتب، إنهم كانوا مطيعين جدا لأنهم كانوا بيتلقوا التعليمات عبارة عن آيات قرآنية بتتنزل؛ وهم بيطبقوا. فصول الكتاب بتعالج بعض الزوايا أو المحطات اللي حتقابلها المجموعة المؤمنة دي لما يعاد استنساخها في العصر الحالي، ومنها انه حيقابلهم سؤال: ايه هو المشروع الإسلامي؟ واظرف رد بيقوله سيد قطب اننا مش محتاجين نجاوب ايه هو المشروع ده، احنا محتاجين بس نوصّل الدعوة/ أو الموقف انه يبقى فيه مجتمع وحكومة بتحكمه موافقين من حيث المبدأ على المشروع الإسلامي اللي هو الحكم الإلهي؛ موافقة على بياض بنفس الفكرة بتاعة تلقي الصحابة للآيات المنزّلة دون مناقشة؛ فقط للتطبيق.
من المحطات اللي بيعرضها الكتاب - شخصيا كانت بتعجبي لما درست الكتاب وانا مراهق، وقت ما كنت بانبهر بأفلام الأكشن وبطلت أشوف سينما علشان حرام!- تمثّل هذه المجموعة المؤمنة الحديثة لقصة أصحاب الأخدود اللي وردت في سورة البروج، لما المجموعة المؤمنة في القصة تلقت خبر انها حتتحرق مع بعضها في حفرة كعقاب ليها على إيمانها بغير ما يؤمن به المجتمع، تلقوه بشكل عادي كجزء من "الطريق"، لأن أجسامهم اللي حتتحرق ملك لله، فطالما طريقهم إلى الله انعطف عند المنعطف ده وحتكون نهايتهم كلهم الفناء فهم حيتمسكوا بموقفهم واختيارهم -ليشعروا بلذة استعلاء الإيمان حسب كلام قطب- ويقبلوا الحرق، ولن يعتبروه هزيمة للمشروع، لأنه مشروع رباني وأكيد حيتم بناس غيرهم. ليه ما يعتبرهوش هزيمة؟ لأنهم -حسب كلام قطب- لو فكروا كده حيقبلوا بمساومات تضطرهم للمشاركة في السلطة، والمشروع كله انهم يحكموا لوحدهم لأن دي الطريقة لضمان ان حكم الله يطبق!
الفكرة طبعا ليها وجه تاني هو تهيئة النفسية بتاعة الأتباع مش بس لانتحار فردي لكن كمان لانتحار جماعي.
في ناس في التجمعات الإخوانية (اعتصم رابعة مثلا) قاعدين علشان دعم مرسي ولأنهم بياكلوا ببلاش، دول مش أعضاء في الجماعة دول أنصار أو "منتسبين"، العضو العامل هو اللي بيتشرب الفكرة بتاعة أصحاب الأخدود. الاستعداد للتضحية إلى هذا الحد، والانفصال الكامل عن أي خطاب أو مشترك بينهم وبين المجتمع، وأي صلة بينهم وبين التاريخ ومراحله، لأنهم بيعملوا "تصفير لعدّاد الزمن" وأي استشهاد بموقف تاريخي هو من قبيل البراجماتية البحتة علشان يوصل معنى معين للشخص اللي بيكلمه، لكن الاستشهاد بالتاريخ لا يُلزم بتبني أي معنى لحركة التاريخ.
بصراحة المبتكَر الوحيد - في رأيي- في كلام سيد قطب هو انه وصل التابع لدرجة تهيئة يتساوى فيها انه يكون سادي وفاشي في إقصاءه لخصمه مع إحساسه بإنه يكون مازوشي إلى آخر الخط ويتقبل التعذيب والحرق حتى الموت.
طبعا واحدة من مشكلات قطب ان ما فيش قرآن بينزل، لأنه نزل، وانما اللي بينزل هو تعليمات مكتب الإرشاد اللي هي مناورات سياسية، لكن لازم المناورات دي تاخد القالب المبدئي علشان تشبه حالة التنزيل، وتكون مدعومة بقصص تغازل الخيال الغيبي زي حكاية الأحلام والرؤى بتاعة جبريل اللي بيحكوها في رابعة كده. وطبعا في مشاكل كتير كتير، لكن أهم مشكلة حاليا ان في كتلة بشرية متشربة للكلام ده، ومتجمعة في حتة، وقياداتها (اللي بتنزل عليهم التعليمات) مجروحة لأنها داقت السلطة شوية والناس أخدتها منهم تاني، واللي "بينزلوه" دلوقتي هو تعليمات بالانتقام من الأهالي اللي اخدوا السلطة من القيادات أو ساهموا بخروجهم في 30 يونيو على تحقيق ده، وبالتأكيد إفشال اللي وصلت ليهم السلطة والانتقام الشخصي منهم لو أمكن.
طبعا في الحالة دي كل شيء مباح من الاستعانة بالقردة والخنازير بتوع الخارج لقتل وتدمير الداخل (الوطن)، لاستخدام النساء والأطفال دروع بشرية؛ كله عادي زي اصحاب الأخدود.

No comments:

Post a Comment