Tuesday, January 22, 2013

المتظاهر

غلاف العدد السنوي لعام 2011

 عندما اختارت مجلة "تايم" شخصية "المتظاهر" لتكون شخصية العام في العدد السنوي لشهر ديسمبر 2011.. لم تكن تعلم أنه مكلف بمهمة لا تعرف موعد رأس السنة، ولا دقات الساعة.. مهمة لا يعرف هو نفسه كيف تنضبط داخله؛ فالمسألة وجود، ودفقة روح تأبى أن تنسحب، وأمل ينبض، وحلم!

 في الحقيقة كثير منا لم يكن يعرف حجم الحلم المكتوم في صدورنا، وليست مجلة "تايم" وحدها التي لم تستطع فهم ذلك. إننا نولد من جديد ونعرف أنفسنا ومن حولنا من جديد في كل محطة من محطات الثورة.

مهمة المتظاهرأيضاً مهمة لا تعرف صبغة احتفال سنوي إلا ألواناً مرسومة على حائط الشهداء؛ صورة لا يراها صاحبها دائماً.. الشهيد.. أو حتى من فقد عينا أو جُرح.. لا يعود الجسد أبداً كما كان ليرى صورته؛ تظل الروح تعاود زيارة المكان الذي سبق وواجهت فيه عنتاً وغلاً من أشخاص أكلهم الطمع يتشبثون دائماً بالأنا، يضخمونها بطريقتهم. هناك طرق وتحايلات لتستر أنانيتك بمبادئ مطاطة، مبهمة، لا تعمل إلا لتزيد من سلطة المتشدق بها. أما المتظاهر فلا يحتفل إلا بمتظاهر آخر راح؛ ولا يقطف من ثمار السياسة إلا تلك الخلطة السحرية من الألم والحلم.

هل تستمر المظاهرات عقداً، أو بضع سنوات؟ لا أعرف، ولا يعرف من يتظاهر لماذا يطالبه أحد بالتوقف عما يفعل! لماذا يريدون نهاية لما يعتبره هو بداية جديدة لوجوده كإنسان حر يملك حق التعبير!

نحن جيل محظوظ، في الحقيقة نحن محظوظون للغاية أن لدينا هؤلاء النبلاء الذين يتعاقب الظالمون على ضربهم ومحاولة الفتك بهم، لكنهم يخرجون أكثر ألقاً وتشبثاً بالحلم كل مرة، كأنهم يرون حلمهم حقيقة عندما يواجههم الظالمون بالرفض!
كأنهم يرون ما لا نرى؛ يرون في داخلهم ورود وأمل، تكبر مع تشقق الجراح، ويرون خارجهم وجوداً جديداً لذواتهم وأنفسهم، كأنهم يرونها.. الحرية!

 فخور بكم يا إخوتي يا أبناء بلدي الشرفاء، فخور بنبلكم الذي منحتمونا منه بلا حدود.. يؤلمني كل خدش وكل لحظة ألم تتعرض لها أيها المتظاهر؛ يا ضميري الحي،
أنتم أيها المتظاهرون ماء وضوئنا، أنتم كل ما يردنا إلى الحياة من غيبوبة الخوف ووسائل الهروب من مواجهة الحقيقة.
 أخشى أن اقول أنكم على مدى عامين، وبعطاء بلا حدود، كنتم شرفاء أكثر مما نحتمل؛ أكثر مما كنا نتوقع، أخشى أن أقول -وقد سرقكم اللئام- أنكم أجمل مما نستحق، يارب ساعدنا ألا نخذلهم، اعبر بهم إلى بر آمن لأن الظلم يعض الأمل في أرضنا، والأنانية تمص قيم الخير في نهرنا.
أيها المتظاهرون أنتم ماء وضوئنا.
 من أحداث محمد محمود.. مجد شباب هذا الجيل

No comments:

Post a Comment