Sunday, November 11, 2012

أيقونات محمد محمود


 شروق الختام.. من أيقونات محمد محمود
 
ذكريات "محمد محمود" محفورة، صور كثيرة، كلها أيقونات، من لحظة الألم الأولى بإلقاء جثث في الزبالة، مرورا بومضات المجد التي كانت تلمع مع فقأ العيون، مجد هذا الجيل المستعد، والقادر على التضحية، مجد نبلاء اكتشفوا كم هم أحرار من الداخل، وكم يستحق أقرانهم الذين تخاذلوا عن التواجد- مجرد التواجد ولو المعنوي- شفقة خاصة بعدما  استمعوا لتوجيهات تنظيمات سياسية تتحكم فيها أطماع السلطة. وكم يكسوالخزي فريقاً آخر من شباب تربوا على الأنانية، وحق الانتهاك، فقاموا بإطلاق أعيرة الخرطوش على أعين شباب مثلهم انتفضوا ضد إهانة القاتل للجثث!

 تحولت معركة محمد محمود لأيقونة وملحمة حسمت في وعي الكثيرين ضرورة إبعاد العسكريين بكل أشكالهم عن السلطة. أغلقت ملحمة محمد محمود الباب في وجه تقبل القمع كأداة للسلطة، هناك قمع هنا وهناك، لكن شرعيته تعرَّت وسقطت تماماً، ووحشيته أصبحت محط كراهية جماعية من كل جيل الشباب، من شارك، ومن جلس متألماً ينظر من بعيد، مستمعاً للقيادات الطامعة في السلطة التي أرادت أن تظهر بمظهر المحايد، حتى تقطف الثمرة! 
 
محمد محمود ملحمة مصرية كبرى، نحتت خريطة السياسة بسكين، خريطة ستظل تطل، وتطل، على المستقبل بألوان وخطوط من الدم، والخزي، والمجد، والألم، والتضحية، والفداء، والبساطة، والخسة، والطمع، والإرادة.. هي  تضاريس الثورة التي لم تكشفها أيام التحرير الأولى التي سقط فيها مبارك حيث بدى الصراع وقتها بين صدق وكذب، أما "محمد محمود" كان الجميع صادقين ومتسقين مع أنفسهم: من مضى مع شهوة السلطة، ومن اندفع بشهوة السيطرة والقمع، ومن ضحى مستمتعاً بحلاوة الحرية.
 
 
ذكرياتي الشخصية حفرها في ذاكرتي سؤال سألني إياه أحد نبلاء "محمد محمود": هل تعتقد أن شعبنا سيقدر ما فعلنا من أجله؟
كنت لطيفا - قدر استطاعتي- في ردي، لكني لم أمتلك إجابة، ولا يعرفها أحد بعينه من أبناء هذا الشعب الحائر.
 
أيقونات "محمد محمود تشكل تضاريس عميقة؛ محفورة. ذاكرة الألم لا تمحي. إنها تنغص على كل من يكذب، تنغص على كل طامع في سلطة ضحى من أجل تحريرها هؤلاء النبلاء.
 
أين أنت من محمد محمود؟ يكفي هذا السؤال.
 
 

No comments:

Post a Comment